كلمة حق عن فضيلة الامام العلامة الدكتور على جمعة

كلمة حق

دفوع عن الاتهامات الباطلة الموجهة لفضيلة مفتي الديار المصرية حول نشره مقالاً بالواشنطن بوست تحت عنوان : "الثورة والثورة المضادة وموجة جديدة من الراديكالية في مصر " المنشور بتاريخ
18/4/2011

بسم الله الرحمن الرحيم

إنه مما يسوء المرء أن يرى تحريف الحقائق وجعلها على غير وجهها ومقصدها.. وأن يتم ذلك لا عن حسن نية بل عن سوء مقصد ورغبة في الافتئات على ما قيل وحمله على غير ما تعبر عنه ألفاظه ومعانيه الظاهرة والباطنة.
لقد قام مجموعة من المحامين يترأسهم الأستاذ/ ممدوح إسماعيل برفع بلاغ إلى سيادة النائب العام المصري معتبرين ما ورد في المقالة المنشورة تحريضاً سافراً على التدخل الأجنبي في شئون مصر، ودعوة للتدخل الأجنبي في شئونها ، وتهديداً للسلام والأمن الاجتماعيين في البلاد ، وإثارة للفتن ، وتهديداً للوحدة الوطنية ، وذلك عبر الإساءة الواضحة للجماعات السلفية في هذا المقال.
وأقل ما يوصف هذا البلاغ بأنه تنطبق عليه تماماً صفة البلاغ الكاذب بأركانه القانونية.
فالمقال المنشور الذي قام في الأساس على إدانة الفكر المتطرف ، وما يثيره من فتن في ربوع الأمة ، واعتبره المفتي من قبيل الثورة المضادة.. لا يمكن حمله على أنه يهدد الأمن والسلم العام ويثير الفتن.. وذلك للدفوع الآتية.
أن فعل الإساءة والقذف والتشهير لا يتم إلا إلى شخصية فعلية أو اعتبارية.. والمقال لم يتعرض البتة لأية شخصيات أو جهات اعتبارية أو حقيقية على أي شكل كان ، كما لم ينسب أي فعل لأي شخصية بوصفها الحقيقي أو الاعتباري ، وهو ما يعني أن المقال كان بصدد نقد لفكرة وخطاب متطرف وهذا من قبيل النقد المباح والمتعارف عليه قانوناً.
أنه إن صح أن نقد الأفكار ومقارعة الحجج بالحجج ، وتبيان وجهات النظر أمر مباح كأساس من الأسس الدستورية التي تتكامل مع الإعلانات والمواثيق والأعراف الدولية من منطلق حرية التعبير ، فإن اعتبار هذا النقد من قبيل الجريمة التي يعاقب عليها القانون أمر لا يستقيم معه أي طرح حول الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وإذاً لصح أن يرفع كل طرف نختلف معه كالعلمانيين والملحدين والبهائيين وغيرهم دعاوى كتلك الدعوى بهدف الإدانة ، ولصح كذلك أن نرفع دعاوى ضد كل من يختلف فكرياً معنا على أي وجه كان.
أن من رفعوا الدعوى هم أشخاص غير ذوي صفة ، فلا هم ينتمون لهيئة ولا لجهة ولا حتى لتيار فكري يقول أن التطرف وهدم الأضرحة واستهداف دور عبادة غير المسلمين من الضرورات الشرعية، بل إنهم تبرأوا من هذه الأفعال، وكذلك نحن تبرأنا منها وأثبتنا خطورتها في المقال المذكور، إذاً فما الدافع وراء رفعهم لهذا البلاغ إذا اتفقوا معنا في مضمونه في ضرورة مواجهة التطرف والفكر المتشدد.
أن من قاموا بمثل هذه الأفعال أو أعلنوا عن نيتهم القيام بها هم من صرحوا بلسانهم أنهم سلفيون، فهذا ادعاء منهم، ونحن لم نزد عن هذا اللفظ على وجه التحديد فقلنا : "من يدعون أنفسهم سلفيين" by those who call themselves Salafis ، وهذا الادعاء من قبلهم ثابت، وصحة الادعاء لا علاقة لها بصحة هذا الانتساب من عدمه. مع العلم أن هذا هو اللفظ الوحيد المذكور في المقال بكامله الوارد فيه ذكر كلمة "سلفي"
أن المقال لم يذكر في أي جانب منه أي شخصية أو هيئة أو جهة أجنبية على الإطلاق، ناهيك أن يفهم منه أنه تحريض لهذه الجهات بالتدخل ، إذ كيف يتم تحريض شخص أو جهة أو هيئة دون أن تخاطب صراحة أو ضمناً.
أن المقال وضع سبل علاج التطرف والتشدد الدينيين ، بأن أشاد بالأزهر الشريف وهو المؤسسة الدينية الرسمية المعبرة عن الإسلام والتي تعتمد الدولة وجهة نظرها ونتائج أبحاثها وأقوال علمائها ، وجعل سبيل التخلص من التطرف هو بإعلاء دور الأزهر الشريف ورعايته ، فهل يعقل أن من يحرض الأجنبي على البلاد أو من يسعى للفتن الداخلية أو تهديد السلم والأمن في الدولة ، أن يرى المخرج الوحيد من خطاب التطرف والتشدد هو زيادة رعاية الدولة لمؤسساتها الدينية الرسمية.
أن من قاموا برفع هذه الدعوى تناسوا أن الشأن الديني العام والخاص ، هو من مجالات عمل فضيلة مفتي الديار المصرية ، فلا هو تجاوز مسئولياته ، ولا هاجم فيما هو دون الشأن الديني ، فقيامه بتشخيص المعضلات الدينية ووضع سبل حلولها هو من مقتضيات وظيفته العامة التي رسم من أجلها مفتياً ، والتي يعمل عليها ومن أجلها ليل نهار ، ولو أن المفتي على سبيل الافتراض الجدلي كان قد أصدر فتوى بتحريم الانضمام للجماعات السلفية (حاشا لله) ، وهذا يفارق الاتهام الموضوع هنا بمراحل شتى ، لما كان لأحد من رافعي الدعوى أن يتهمه بشيء ، إذ تكتسب هذه الفتوى حجيتها الشرعية والقانونية من موقع دار الإفتاء كدار رسمية تتبع الدولة.. فكيف إذاً والأمر لم يتعد نقد المتطرفين منهم.. أيعقل ألا تستوجب الفتوى المحرمة لهم ولنشاطاتهم أي رد فعل قانوني ، وأن يستوجب النقد للمتطرفين عموماً رد فعل؟؟
أن النشر في وعاء مثل الواشنطن بوست ليس أمراً جديداً على فضيلة المفتي ، فهو له عشرات المقالات في الصحف الأجنبية واسعة الانتشار ، وكذا في وسائل الإعلام المختلفة ، وكذلك في محاضراته وندواته حول العالم ، والعجب أن من يلومون فضيلة المفتي على هذا النشر هم أنفسهم من كانوا يأخذون على المؤسسة الدينية الرسمية انغلاقها على نفسها وعدم دفاعها عن الإسلام وإظهار الوجه المعتدل له ، ولفضيلة المفتي دور كبير في القيام بهذا الدور ، فلا يعقل أن يؤاخذ بالنشر في وسائل الإعلام العالمية وهو الذي قام بالدفاع عن الإسلام ونفي صلته بالإرهاب وتبيان سماحته في غير موضع من هذه الوسائل طيلة ثمانية سنوات أو يزيد.
أن الصحيفة المذكورة لا هي بالصحيفة الحكومية أو الممولة من جهات حكومية، ولا تخضع لأي كيان له من القدرة تحريك الأساطيل وتجييش الجيوش من أجل التدخل في الشئون المصرية ، وعجباً لمثل هذه الأقوال التي لا تنم عن أمانة أو على الأقل تدقيق واجب من رافعي البلاغ.
أن فضيلة المفتي أظهر دوماً في خطاباته ودروسه ومجالسه العلمية حرصه الشديد على التقريب بين جماعة المسلمين ، والاعتماد الدائم على الحوار العلمي الرشيد كسبيل لتوحيد الأمة الإسلامية ، فهل يعقل أن يسعى وهو ـ العالم السني المسئول ـ إلى الحوار بين الأديان ، والتقريب بين المذاهب الإسلامية ، وفي الوقت ذاته يحرض على أبناءه وإخوته في العقيدة والمذهب السني والوطن.. هل هذا يعقل ؟؟
أن فضيلة المفتي يربأ بنفسه عن خوض مثل هذه المعارك التي تهدف للنيل من الأشخاص ، ويترفع عن هذه الصغائر ، رغم أن رافعي هذه الدعوى ومن ينتسبون إليهم قد قاموا بأفعال السب والقذف والتشهير على أشنع ما يكون لفضيلته ، وعلى ألسنة كبرائهم مثل الشيخ / الحويني في درسه الموجود على الإنترنت https://youtu.be/maXCkiK8Szc والذي يطعن فيه في شخص فضيلته ، ومن أصغارهم وهم كثيرون لا يحصون.. الأمر الذي لا يعدو إلا أن يكون منهجاً منظماً لديهم ضده شخصياً ، ورغم ذلك لم يسلك سبل رفع الدعاوى والبلاغات ترفعاً منه عن هذا الأمر ، وعلى الرغم من ثبوت تهم التشهير والقذف الصريح الواضح في كلامهم وذكره باللفظ ، في حين يسعون بفهم خاطئ ونية غير واضحة ، وتحويراً للكلام عن مواضعه أن يدسوا به في خضم معارك قضائية وبلاغات إلى النيابة العمومية.

ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.. حسبنا الله ونعم الوكيل

» فضيلة الدكتور على جمعة": التصوف برىء من بدع الموالد
» أسئلة حول مفطرات الصيام من فتاوى فضيلة الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية
» الكفارة عن ميت عليه صيام من فتاوى فضيلة الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية