الأحتفال بالمولد النبوي الشريف

تحتفل الأمة الاسلامية كل عام بالمولد النبوي الشريف ونري من يعترض علي ذلك الأحتفال ويقولون إنه بدعة فما حقيقة ذلك ؟؟
الجواب: الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

لقد كان المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جمعيه وعبر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ( رحمة للعالمين ) تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية كما أنها لا تقتصر علي أهل ذلك الزمان بل تمتد علي أمتداد التاريخ بأسره (( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم )) سورة الجمعة الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

والأحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات ., لأنه تعبير عن الفرح والحب له صلى الله عليه وسلم ومحبة النبي أصل من أصول الإيمان وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال :" والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده " وأنه صلى الله عليه وسلم قال :" لا يؤمن أحدكم حتى اكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "
قال ابن رجب : محبة النبي صلى الله عليه وسلم من أصل الإيمان وهي مقارنة لمحبة
الله عز وجل وقد قرنها الله بها وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعاً من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك فقال تعالى (( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال أقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )) سورة التوبة
ولما قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم " أنت احب إلي من كل شيء إلا نفسي فقال : لا يا عمر, حتى أكون أحب إليك من نفسك " فقال عمر والله أنت الآن أحب إلي من نفسي قال . الآن يا عمر " الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

والاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو الأحتفاء به والأحتفاء به صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته , لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولي فقد علم الله سبحانه وتعالي قدر نبيه فعرف الوجود بأسره بأسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته فالكون كله فى سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته علي العالمين وحجته .
وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس علي الأحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوت الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى انواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين
مثل الحافظين : ابن الجوزي وابن كثير والحافظ ابن دحية الأندلسي والحافظ ابن حجر وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى . الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

وألف في استحباب الأحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل بحيث لا يبقى لمن له عقل وفيهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الأحتقال بذكرى المولد النبوي الشريف وقد أطال ابن الحاج في ( المدخل ) في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الأحتقال وذكر فى ذلك كلاماً مفيداً يشرح صدور المؤمنين مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه المدخل فى ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعى , الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

قال خاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي فى كتابه ., حسن المقصد في عمل المولد ., بعد سؤال رفع إليه عن عمل المولد النبوي فى شهر ربيع الأول : ما حكمه من حيث الشرع وهل هو محمود أو مذموم وهل يثاب فاعله ؟ قال : الجواب عندي أن أصل عمل المولد الذى هو اجتماع الناس وقراءة ما تسير من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع فى مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التى يثاب عليها صاحبها . لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والأستبشار بمولده الشريف . الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

وقد رد السيوطى علي من قال : لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب الله ولا سنة : بقوله . : نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود : مبيناً أن إمام الحافظ أبا الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى قد استخرج له أصلا من االسنة واستخرج له هو يعنى السيوطى أصلا ثانيا موضحا أن البدعة المذمومة هي التى لا تدخل تحت دليل شرعى في مدحها أما إذا تناولها دليل المدح فليست مذمومة .
روي البيهقي عن الشافعي رضي الله عنه قال " المحدثات من الأمور ضربان , أحدهما . ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثاراً أو إجماعاً فهذه البدعة الضلالة والثاني : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد وهذه محدثة غير مذمومة . وقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه في قيام شهر رمضان" نعم البدعة هذه " يعنى أنها محدثة لم تكن وإذا كانت فليس فيها رد لما مضي . هذا آخر كلام الشافعي.
قال السيوطي : وعمل المولد ليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعى وهو من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول فإن إطعام الطعام الخالي عن أقتراف الآثام إحسان فهو إذن من البدع المندوبة كما عبر عنه بذلك سلطان العلماء العز ابن عبد السلام .
وأصل الأجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة لأن ولادته أعلم النعم علينا والشريعة حثت على إظهار شكر النعم وهذا ما رجحه ابن الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

الحاج في المدخل حيث قال : لأن في هذا الشهر من الله تعالى علينا بسيد الأولين واآخرين فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير وشكر المولي علي ما أولانا به من النعم العظيمة . والأصل الذى خرج عليه الحافظ ابن حجر عمل المولد النبوي هو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء" فسألهم فقالوا هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسي . فنحن نصومه شكرا لله تعالى " . قال الحافظ : فيستفاد منه فعل شكر الله علي ما من به فى يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة والشكر يحصل بأنواع العبادات كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم ؟:
ويؤكد الحافظ ابن حجر على مظاهر ذلك الأحتفال فيقول : فينبغي أن نفتصر فيه علي ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام وإنشاد شيئ من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب وإلي فعل الخير والعمل للآخرة وما كان مباحاً بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به .
ونقل السيوطى عن إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري من كتاب : عرف التعريف بالمولد الشريف " قوله . إنه صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب فى النار كل ليلة اُثنين لإعتاقه ثويبة عندما بشرته الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

بولادة النبي صلى الله عليه وسلم . فإذا كان أبو لهب الكافر الذى نزل القرآن بذمه جوزي فى النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته ؟ لعمرى إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنة النعيم .
وأنشد الحافظ شمس الدين الدمشقي في كتابه المسمي : مورد الصادى فى مولد الهادي :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتي أنه في يوم الأثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا ؟
الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

كما يمكن الأستدلال بعموم قوله تعالي (( وذكرهم بأيام الله )) فلا شك أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم من أيام الله فيكون الأحتفال به ما هو إلا تطبيقا لأمر الله وما كان كذلك فلا يكون بدعة بل يكون سنة حسنة حتى ولو لم يكن علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونحن نحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم لأننا نحبه ولم لا نحبه وقد عرفه وأحبه كل الكائنات فهذا الجذع وهو جماد أحب النبي صلى الله عليه وسلم وتعلق به وأشتاق
إلي قربه الشريف صلى الله عليه وسلم بل وبكي بكاء شديداً تشوقا للنبي صلى الله عليه وسلم وقد تواتر هذا الخبر وصار العلم به محتماً . ورورى عن أكثر من اصحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما معتمداً علي جذع نخل منصوب فإذا طال وقوفه وضع يده الشريفة علي ذلك الجذع ولما كثر عدد المصلين صنع له الصحابة منبراً فلما خرج صلى الله عليه وسلم من باب الحجرة الشريفة يوم الجمعة يريد المنبر وجاوز الجذع مؤلما حتى ارتج المسجد وتشقق الجذع ولم يهدأ حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم عن المنبر وأتي الجذع فوضع يده الشريفة عليه ومسحه ثم ضمه بين يديه إلي صدره الشريف حتي هدأ ثم خبره بأن سارره بين أن يكون شجرة في الجنة تشرب عروقه من أنهار الجنة وبين أن يعود شجرة مثمرة في الدنيا فأختار الجذع أن يكون شجرة فى الجنة فقال صلى الله عليه وسلم " أفعل إن شاء الله أفعل إن شاء الله أفعل إن شاء الله . فسكن الجذع ثم قال صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ولو لم ألتزمه لبقى يحن إلي قيام الساعة شرقاً إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

ومما سبق ذكره من أقوال الأئمة كابن حجر وابن الجوزي والسيوطي وغيرهم وتبين أن هذا حال الأمة من القرن الخامس الهجري نري استحباب الأحتفال بالمولد الشريف موافقة للأمة والعلماء وأن يكون الأحتفال بما ذكر من تلاوة القرآن والذكر وإطعام الطعام ولا يتطرق إليه مظاهر مذمومة كالرقص والطبل وما إلي ذلك من ولا عبرة بمن شذ عن هذا الإجماع العملي للأمة وأقوال هؤلاء الأئمة وليس ذلك الأحتفال بكثير على النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة حبيب رب العالمين وفي الختام أذكر قول صاحب البردة : الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

فهو الذي تم معناه وصورته ثم أصطفاه حبيبا بارئ النسم
منزه عن شريك في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما أدعته النصارى في نبيهم وأحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم وأنسب إلي ذاته ما شئت من شرف وأنسب إلي قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفم
والله تعالى أعلى وأعلم
الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

يجيب عن هذه الفتوى فضيلة الاستاذ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية
الأحتفال بالمولد النبوي الشريف 105214895614013004

» الاحتفال بالمولد النبوى الشريف والدليل على جوازه
» هل شاهدت المسجد النبوي من الداخل؟ شاهد الصور
» المولد النبوى الشريف