مفهوم العقيدة

موضوع: مفهوم العقيدة 16/11/12, 04:20 pm

مفهوم العقيدة

بقلم: أحمد عبده عوض
مفهوم العقيدة Getsubpic

العقيدة هي مجموعة من قضايا الحق البدهية المسلمة بالعقل، والسمع، والفطرة، ويعقد عليها الإنسان قلبه، يثني عليها صدره جازما بصحتها، قاطعا بوجودها وثبوتها، لا يري خلافها أنه يصح أو يكون أبدا. وذلك كاعتقاد الإنسان بوجود خالقه، وعلمه به، وقدرته عليه، ولقائه به، بعد موته ونهاية حياته، ومجازاته إياه علي كسبه الاختياري وعمله غير الاضطراري، وكاعتقاده بوجود طاعته فيما بلغه من أوامره ونواهيه من طريق كتبه ورسله طاعة تزكو بها نفسه، وتتهذب بها مشاعره، وتكمل بها أخلاقه، وتنظم بها علاقته بين الخلق والحياة.
وكاعتقاده بغني ربه تعالي عنه، وافتقاره هو اليه، وفي كل شأنه حتي في أنفاسه التي يرددها، فبالله تعالي حياته، وعليه وحده توكله واعتماده، إذ هو محط رجائه إذا طمع، ومأمن خوفه إذا خاف، بحبه يحب، وببغضه يبغض.
وهو مولاه الذي لا مولي له غيره، ومعبوده الذي لا معبود له سواه، لا يري ربوبية غيره، ولا يعتقد ألوهية سواه. وتعتبر عقيدة التوحيد الصافية الغالية من أهم مقومات الوحدة بين المسلمين، فهي عقيدة ثائرة، معجزة، متدفقة بالقوة والحياة، مقلبة للأوضاع، مدمرة للآلهة الباطلة، لم تنل ولن تنال الإنسانية مثلها إلي يوم القيامة. ولقد كان الإنسان قبل الإسلام يسجد لأشياء تافهة لا تضر ولا تنفع، ولا تعطي ولا تمنع (يأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا) "مريم: 42" (قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم) "الأنبياء: 66".
كان العرب قبائل متناثرة لا تجتمع علي شئ علي الرغم من وجود كل مقومات التجمع: من وحدة الأرض، ووحدة اللغة، ووحدة الثقافة، ووحدة التاريخ، ووحدة التصورات، ووحدة التطلعات.
من هنالك انتشلهم الإسلام، لا ليكونوا تجمعا قوميا، ولا ليكونوا تجمعا وطنيا تحت قيادة زعيم منهم، ليكونوا منهم دولة موحدة ذات كيان وحدود، ولكن لينشئ منهم أمة العقيدة التي استحقت من الله وصفها بهذا الوصف العظيم: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) "آل عمران: 110".
والذي يلحظ النقلة الهائلة التي انتقلها العرب من شتاتهم المتناثر، ليكونوا خير أمة أخرجت للناس، لابد أن يأخذه العجب من هذا التحول الهائل في فترة من عمر الزمن كأنها لحظات. إن العقيدة الإسلامية هي أغلي ما يمكن أن تقوم عليه وحدة المسلمين، فهي الوشيجة الحقيقية التي تقوم عليها الأمة الحقيقية. الأمة الخيرة. ثم تنضوي تحتها كل العلاقات الأخري، علاقات الأرض، واللغة والجنس، وقرابة الدم، فتكون هذه روافد إضافية إذا وجدت ولكنها لا تكون هي التي تكون الأمة ـ ولو اجتمعت كلها ـ في غياب العقيدة، بينما تكون العقيدة وحدهاـ ولو غابت الروابط الأخري كلها ـ هي الرباط الذي تتكون حوله أمة تتآخي بأخوة العقيدة، وتترابط برباط الإيمان، فتكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، قال تعالي: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) "الصف: 4" والمؤمنون بهذه العقيدة كالجسد الواحد، إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمي والسهر، يقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمي والسهر"
وروي النعمان بن بشير رضي الله عنهما ان رسول الله صلي الله وسلم قال: إنما مثل المؤمنين في تواصلهم وتراحمهم وما جعل الله فيهم من البركة كمثل الجسد إذا وجع تداعي سائر جسده بالسهر والحمي. تلك هي الوشيجة التي نبه القرآن في أكثر من موضع علي انها هي العقيدة، وهي المعول عليها، والتي تفصم الروابط الآخري وتبقي هي لا تنفصم.

» ما هو مفهوم الصحة الإنجابية؟
» مفهوم الحكم على الغير